(1)
دَعُونِي آسُ جُرْحِي بِالبُكَاءِ عَسَاهُ أَنْ يُخَفِّفَ مِنْ شَقَائِي
دَعُونِي أَبْكِ مَجْدًا ضَاعَ مِنِّي وَأَرْثِي أُمَّتِي خَيْرَ الرِّثَاءِ
فَقَدْ دَارَ الزَّمَانُ وَكَانَ أَقْسَى عَلَى قَلْبِي مِنَ الدَّاءِ العَيَاءِ
فَأَصْبَحْتُ الفَقِيرَ بِغَيْرِ مَأْوًى وَكُنْتُ أَنَا المُنَعَّمَ فِي الرَّخَاءِ
وَأَصْبَحْتُ السَّجِينَ بِغَيْرِ ذَنْبٍ أُسَامُ الخَسْفَ مُنْقَطِعَ الرَّجَاءِ
وَأَصْبَحْتُ الأَسِيرَ لَدَى أَعَادٍ قُسَاةٍ نَكَّلُوا بِالأَنْبِيَاءِ
أَعَادٍ فِي الخَدِيعَةِ كَالثَّعَالِي وَفِي التَّطْبِيعِ أَشْبَاهُ الوَبَاءِ
أَعَادٍ يَحْرِصُونَ عَلَى حَيَاةٍ فَكَانَتْ عِنْدَهُمْ دَارَ البَقَاءِ
رَأَيْتُ الغَدْرَ فِيهِمْ حِينَ هَبُّوا ذِئَابًا فِي إِهَابِ الأَتْقِيَاءِِ
وَعَاثُوا يُفْسِدُونَ النَّاسَ طُرًّا عَسَاهُمْ أَنْ يَدِينُوا بِالوَلاَءِ
وَأَغْرَوْنِي بِغِيدٍ سَاحِرَاتٍ وَمَالٍ يَعْتَلِي قِمَمَ الثَّرَاءِ
فَشَطَّ العَقْلُ حِينَ بَدَا لِعَيْنِي جَمَالٌ كَالجُمَانِ مِنَ النِّسَاءِ
وَظَلُّوا يُلْهِبُونَ أُوَارَ قَلْبِي بِأَفْلاَمٍ يَغِيضُ بِهَا حَيَائِي
وَأَفْكَارٍ تُعَرْبِدُ فِي السَّجَايَا وَيَقْتُلُ سُمُّهَا مَعْنَى الإِبَاءِ
فَطَوْرًا يَنْعِقُونَ بِمَا يُسَمَّى ب"عَوْلَمَةٍ" وَطَوْرًا بِالإِخَاءِ
فَسِرْتُ وَرَاءَهُمْ أَقْفُو خُطَاهُمْ لَعَلِّي أَتَّقِي شَرَّ البَلاَءِ
وَلَيْتَ الخَوْفَ جَنَّبَنِي أَذَاهُمْ وَلَكِنْ ذُقْتُ أَلْوَانَ العَنَاءِ
سُلِبْتُ كَرَامَتِي وَفَقَدْتُ عِرْضِي وَضَاعَتْ هَيْبَتِي بَعْدَ انْحِنَائِي
(2)
دَعَوْنِي لِلسَّلاَمِ فَقُلْتُ مَرْحَى سَأَحْقِنُ مَا تَبَقَّى مِنَ الدِّمَاءِ
إِذَا كَانَ السَّلاَمُ يُعِيدُ أَرْضِي فَكُلُّ الصَّيْدِ فِي جَوْفَ الفَرَاءِ
فَقَدْتُ أَحِبَّتِي دَهْرًا وَلَمَّا عَنَاهُمْ مَا عَنَانِ مِنَ التَّنَائِي
تَلاَقَيْنَا وَقُلْنَا لَيْسَ حَتْمًا مُعَاقَبَةُ العَدُوِّ عَلَى العَدَاءِ
أَقَرَّ لِسَانُنَا وَالقَلْبُ يَأْبَى بِدَوْلَةِ غَاصِبٍ يَبْغِي فَنَائِي
وَأَحْكَمْنَا الحِصَارَ عَلَى "حَمَاسٍ" لِتَهْجُرَ مِثْلَ نَا سَاحَ الفِدَاءِ
وَتَرْكَعَ فِي صَغَارٍ لِلأَعَادِي وَتَخْلَعَ عَنْ رِضًا ثَوْبَ البَرَاءِ
وَخِلْنَا أَنَّنَا نَحْمِي حِمَانَا بِهَاتِيكَ المَذَلَّةِ وَالسَّفَاءِ
وَلَمْ نُدْرِكْ بِأَنَّ الوَغْدَ ذِئْبٌ تَمَكَّنَ مِنْ رِقَابِ الأَبْرِيَاءِ
تَعَلَّمَ مِنْ تَخَاذُلِنَا التَّجَرِّي فَلَمْ يَفْتَأْ يُجَاهِرُ بِالعُوَاءِ
"مِنَ النِّيلِ العَظِيمِ إِلَى الفُرَاتِ" أَرَى حُلْمِي بِأَرْضِ الأَغْبِيَاءِ
وَمَدَّ الغَرْبُ إِخْوَانَ الدَّنَايَا بِمَا أُوتُوا عَلَى بَذْلِ السَّخَاءِ
وَظَنَّ الغَرْبُ أَنَّ العُرْبَ عَادُوا إِلَى عَهْدِ البَدَاوَةِ وَالرِّعَاءِ
وَصَارُوا كَالخِرَافِ أَوِ الخَيَالِ يَذُبُّ الطَّيْرَ فِي الأَرْضِ الخَلاَءِ
وَمَا فَطَنُوا لِتَارِيخٍ عَرِيقٍ أَضَاءَ الكَوْنَ مِنْ أَلَقِ السَّنَاءِ
تَنَاسَوْا مَجْدِيَ الوَضَّاحِ عَمْدًا لِكَيْمَا يَسْلُبُوا مِنِّي هَنَائِي
(3)
رُوَيْدًا أَيُّهَا المَغْرُورُ إِنِّي سَئِمْتُ الضَّيْمَ فِي أَرْضِ العَلاَءِ
رُوَيْدًا إِنَّمَا الأَحْدَاثُ تَتْرَى وَيَأْتِي دَوْرُنَا فِي الارْتِقَاءِ
قَرِيبًا سَوْفَ يَأْتِيكُمْ "صَلاَحٌ" يُحَرِّرُ مَسْجِدِي بِالأَصْفِيَاءِ
فَحَرِّضْ مَا اسْتَطَعْتَ الغَرْبَ ضِدِّي فَلَنْ أَرَتَدَّ عَنْ طَلَبِ الجَلاَءِ
وَقُلْ مَا شِئْتَ مِنْ كَذِبٍ وَزُورٍ فَلَنْ تَرْقَى بِزَعْمِكَ لِلسَّمَاءِ
وَلَنْ تَحْظَى بِمُلْكٍ يَعْرُبِيٍّ وَلَنْ تَغْتَالَ حَقِّي بِالجُفَاءِ
أَنَا العَرَبِيُّ لاَ أَخْشَى الضَّوَارِي مِنَ الآسَادِ إِنْ حُشِرَتْ إِزَائِي
أَنَا العَرَبِيُّ كَمْ جُبْتُ الفَيَافِي بِسَيْفٍ حَدُّهُ صَرْفُ القَضَاءِ
أَنَا العَرَبِيُّ أَطْوِي الأَرْضَ طَيًّا لِنَجْدَةِ مُسْتَغِيثٍ فِي العَرَاءِ
وَلِي شَرَفٌ عَلاَ فَلَكَ الثُّرَيَّا وَلِي كَرَمٌ يَفِيضُ بِلاَ انْتِهَاءِ
عَفِيفُ الرُّوحِ لاَ أَرْضَى الدَّنَايَا كَثِيرًا مَا أَبِيتُ عَلَى قَوَاءِ
وَلِي مَجْدٌ وَتَارِيخٌ عَظِيمٌ وَلِي دِينٌ تَلأْلأَ بِالضِّيَاءِ
وَلِي أَرْضٌ مُطَهَّرةٌ تَلَظَّى جَحِيمًا لِلطُّغَاةِ الأَشْقِيَاءِ
فَكَمْ بَاغٍ أَغَارَ عَلَى حِمَاهَا فَنَالَ بِبَغْيِهِ سُوءَ الجَزَاءِ
وَفَرَّ يَئِنُّ مِنْ رُزْءٍ ثَقِيلٍ وَلَمْ يَصْبِرْ عَلَى مُرِّ اللِّقَاءِ
(4)
لَقَدْ قُلْتُمْ قَدِيمًا إِنَّ فِيهَا جَبَابِرَةً مِنَ العُرْبِ الظِّمَاءِ
إِلَى شُرْبِ الدِّمَاءِ مِنَ الغُزَاةِ وَسَحْقِ المُعْتَدِي فِي كِبْرِيَاءِ
سَلِ التَّارِيخَ يَا عِرْبِيدُ عَنَّا فَكَمْ خَضَعَتْ لَنَا شُهُبُ السَّمَاءِ
أَلَمْ تَسْمَعْ عَنِ الرُّهْبَانِ لَيْلاً أَلَمْ تَرْجِعْ بِعَقْلِكَ لِلوَرَاءِ
أَلَمْ تَرَ أَنَّنَا كُنَّا بُدُورًا يُبَدِّدُ نُورُنَا ظُلَمَ الفَضَاءِ
وَنَسْمُو بِالعُقُولِ إِلَى ذُرَاهَا لِتَخْرُجَ مِنْ دَيَاجِيرِ الغَبَاءِ
وَنَبْسُطُ فِي الدُّنَا سُلْطَانَ عِلْمٍ لِنَفْتَحَ لِلوَرَى بَابَ النَّجَاءِ
وَكُنَّا فِي المَعَامِعِ لاَ نُبَارَى نَسُوقُ عَدُوَّنَا سَوْقَ الحُدَاءِ
نُعِدُّ لَهُمْ عَتَادًا مَا اسْتَطَعْنَا وَنُبْلِي فِي الوَغَى خَيْرَ البَلاَءِ
سَلِ "اليَرْمُوكَ" أَوْ "حِطِّينَ" عَنَّا وَسَلْ "بَدْرًا" وَ"خَيْبَرَ" عَنْ مَضَائِي
فَكَمْ هَوَتِ العُرُوشُ أَمَامَ سَيْفِي فَمُلْكُ الفُرْسِ يُنْثَرُ كَالهَبَاءِ
وَأَرْضُ الرُّومِ تَرْكَعُ فِي صَغَارٍ لِتَنْجُوَ مِنْ دَمَارٍ أَوْ فَنَاءِ
نَشَرْتُ سَمَاحَةَ الإِسْلاَمِ حَتَّى جَبَالُ الصِّينِ أَصْغَتْ لِلنِّدَاءِ
وَغَرَّدَتِ البَسِيطَةُ وَهْيَ تَعْنُو بِتَوْحِيدٍ إِلَى رَبِّ العَطَاءِ
قُرُونًا قَدْ مَلأْنَا الأَرْضَ عِزًّا وَضَاقَ الشِّرْكُ مِنْ طُولِ الثَّوَاءِ
وَلَكِنَّا تَفَرَّقْنَا فَهُنَّا وَأَصْبَحْنَا طَحِينًا فِي الرَّحَاءِ
وَأَصْبَحْنَا العَبِيدَ لِكُلِّ بَاغٍ تُفَرِّقُ شَمْلَنَا أَيْدِي القِمَاءِ
يُذَبِّحُ غَاصِبٌ أَطْفَالَ شَعْبِي وَيَهْتِكُ فَاجِرٌ عِرْضَ النِّسَاءِ
يُكَرَّمُ كُلُّ مَنْ قَدْ سَبَّ دِينِي وَيُفْتَكُ كَلَّ حِينٍ بِالفِدَائِي
(5)
أَفِيقُوا أَيُّهَا العُرْبُ السُّكَارَى وَهُبُّوا مَزِّقُوا ثَوْبَ العَفَاءِ
إِلاَمَ تَنْحَنِي مِنَّا جِبَاهٌ لِجَوَّاظٍ تَطَاوَلَ بِالبَذَاءِ
تَعَالَوْا نَسْتَمِدَّ النُّورَ عَذْبًا مِنَ القُرْآنِ مِنْ وَحْيِ السَّمَاءِ
تَعَالَوْا نَنْزِعِ الأَحْقَادَ مِنَّا وَنَدْفِنْ كُلَّ أَسْبَابِ الجَفَاءِ
تَعَالَوْا نَتَّحِدْ فِي الخَيْرِ دَوْمًا وَنَجْعَلْ عَهْدَنَا عَهْدَ الوَفَاءِ
لِيُصْبَحَ عَيْشُنَا أُنْسًا وَطِيبًا وَنَحْيَا بِالمَحَبَّةِ وَالصَّفَاءِ
وَأَهْتِفَ مُنْشِدًا وَالكَوْنُ يُصْغِي أَنَا العَرَبِيُّ مَرْفُوعَ اللِّوَاءِ
دَعُونِي آسُ جُرْحِي بِالبُكَاءِ عَسَاهُ أَنْ يُخَفِّفَ مِنْ شَقَائِي
دَعُونِي أَبْكِ مَجْدًا ضَاعَ مِنِّي وَأَرْثِي أُمَّتِي خَيْرَ الرِّثَاءِ
فَقَدْ دَارَ الزَّمَانُ وَكَانَ أَقْسَى عَلَى قَلْبِي مِنَ الدَّاءِ العَيَاءِ
فَأَصْبَحْتُ الفَقِيرَ بِغَيْرِ مَأْوًى وَكُنْتُ أَنَا المُنَعَّمَ فِي الرَّخَاءِ
وَأَصْبَحْتُ السَّجِينَ بِغَيْرِ ذَنْبٍ أُسَامُ الخَسْفَ مُنْقَطِعَ الرَّجَاءِ
وَأَصْبَحْتُ الأَسِيرَ لَدَى أَعَادٍ قُسَاةٍ نَكَّلُوا بِالأَنْبِيَاءِ
أَعَادٍ فِي الخَدِيعَةِ كَالثَّعَالِي وَفِي التَّطْبِيعِ أَشْبَاهُ الوَبَاءِ
أَعَادٍ يَحْرِصُونَ عَلَى حَيَاةٍ فَكَانَتْ عِنْدَهُمْ دَارَ البَقَاءِ
رَأَيْتُ الغَدْرَ فِيهِمْ حِينَ هَبُّوا ذِئَابًا فِي إِهَابِ الأَتْقِيَاءِِ
وَعَاثُوا يُفْسِدُونَ النَّاسَ طُرًّا عَسَاهُمْ أَنْ يَدِينُوا بِالوَلاَءِ
وَأَغْرَوْنِي بِغِيدٍ سَاحِرَاتٍ وَمَالٍ يَعْتَلِي قِمَمَ الثَّرَاءِ
فَشَطَّ العَقْلُ حِينَ بَدَا لِعَيْنِي جَمَالٌ كَالجُمَانِ مِنَ النِّسَاءِ
وَظَلُّوا يُلْهِبُونَ أُوَارَ قَلْبِي بِأَفْلاَمٍ يَغِيضُ بِهَا حَيَائِي
وَأَفْكَارٍ تُعَرْبِدُ فِي السَّجَايَا وَيَقْتُلُ سُمُّهَا مَعْنَى الإِبَاءِ
فَطَوْرًا يَنْعِقُونَ بِمَا يُسَمَّى ب"عَوْلَمَةٍ" وَطَوْرًا بِالإِخَاءِ
فَسِرْتُ وَرَاءَهُمْ أَقْفُو خُطَاهُمْ لَعَلِّي أَتَّقِي شَرَّ البَلاَءِ
وَلَيْتَ الخَوْفَ جَنَّبَنِي أَذَاهُمْ وَلَكِنْ ذُقْتُ أَلْوَانَ العَنَاءِ
سُلِبْتُ كَرَامَتِي وَفَقَدْتُ عِرْضِي وَضَاعَتْ هَيْبَتِي بَعْدَ انْحِنَائِي
(2)
دَعَوْنِي لِلسَّلاَمِ فَقُلْتُ مَرْحَى سَأَحْقِنُ مَا تَبَقَّى مِنَ الدِّمَاءِ
إِذَا كَانَ السَّلاَمُ يُعِيدُ أَرْضِي فَكُلُّ الصَّيْدِ فِي جَوْفَ الفَرَاءِ
فَقَدْتُ أَحِبَّتِي دَهْرًا وَلَمَّا عَنَاهُمْ مَا عَنَانِ مِنَ التَّنَائِي
تَلاَقَيْنَا وَقُلْنَا لَيْسَ حَتْمًا مُعَاقَبَةُ العَدُوِّ عَلَى العَدَاءِ
أَقَرَّ لِسَانُنَا وَالقَلْبُ يَأْبَى بِدَوْلَةِ غَاصِبٍ يَبْغِي فَنَائِي
وَأَحْكَمْنَا الحِصَارَ عَلَى "حَمَاسٍ" لِتَهْجُرَ مِثْلَ نَا سَاحَ الفِدَاءِ
وَتَرْكَعَ فِي صَغَارٍ لِلأَعَادِي وَتَخْلَعَ عَنْ رِضًا ثَوْبَ البَرَاءِ
وَخِلْنَا أَنَّنَا نَحْمِي حِمَانَا بِهَاتِيكَ المَذَلَّةِ وَالسَّفَاءِ
وَلَمْ نُدْرِكْ بِأَنَّ الوَغْدَ ذِئْبٌ تَمَكَّنَ مِنْ رِقَابِ الأَبْرِيَاءِ
تَعَلَّمَ مِنْ تَخَاذُلِنَا التَّجَرِّي فَلَمْ يَفْتَأْ يُجَاهِرُ بِالعُوَاءِ
"مِنَ النِّيلِ العَظِيمِ إِلَى الفُرَاتِ" أَرَى حُلْمِي بِأَرْضِ الأَغْبِيَاءِ
وَمَدَّ الغَرْبُ إِخْوَانَ الدَّنَايَا بِمَا أُوتُوا عَلَى بَذْلِ السَّخَاءِ
وَظَنَّ الغَرْبُ أَنَّ العُرْبَ عَادُوا إِلَى عَهْدِ البَدَاوَةِ وَالرِّعَاءِ
وَصَارُوا كَالخِرَافِ أَوِ الخَيَالِ يَذُبُّ الطَّيْرَ فِي الأَرْضِ الخَلاَءِ
وَمَا فَطَنُوا لِتَارِيخٍ عَرِيقٍ أَضَاءَ الكَوْنَ مِنْ أَلَقِ السَّنَاءِ
تَنَاسَوْا مَجْدِيَ الوَضَّاحِ عَمْدًا لِكَيْمَا يَسْلُبُوا مِنِّي هَنَائِي
(3)
رُوَيْدًا أَيُّهَا المَغْرُورُ إِنِّي سَئِمْتُ الضَّيْمَ فِي أَرْضِ العَلاَءِ
رُوَيْدًا إِنَّمَا الأَحْدَاثُ تَتْرَى وَيَأْتِي دَوْرُنَا فِي الارْتِقَاءِ
قَرِيبًا سَوْفَ يَأْتِيكُمْ "صَلاَحٌ" يُحَرِّرُ مَسْجِدِي بِالأَصْفِيَاءِ
فَحَرِّضْ مَا اسْتَطَعْتَ الغَرْبَ ضِدِّي فَلَنْ أَرَتَدَّ عَنْ طَلَبِ الجَلاَءِ
وَقُلْ مَا شِئْتَ مِنْ كَذِبٍ وَزُورٍ فَلَنْ تَرْقَى بِزَعْمِكَ لِلسَّمَاءِ
وَلَنْ تَحْظَى بِمُلْكٍ يَعْرُبِيٍّ وَلَنْ تَغْتَالَ حَقِّي بِالجُفَاءِ
أَنَا العَرَبِيُّ لاَ أَخْشَى الضَّوَارِي مِنَ الآسَادِ إِنْ حُشِرَتْ إِزَائِي
أَنَا العَرَبِيُّ كَمْ جُبْتُ الفَيَافِي بِسَيْفٍ حَدُّهُ صَرْفُ القَضَاءِ
أَنَا العَرَبِيُّ أَطْوِي الأَرْضَ طَيًّا لِنَجْدَةِ مُسْتَغِيثٍ فِي العَرَاءِ
وَلِي شَرَفٌ عَلاَ فَلَكَ الثُّرَيَّا وَلِي كَرَمٌ يَفِيضُ بِلاَ انْتِهَاءِ
عَفِيفُ الرُّوحِ لاَ أَرْضَى الدَّنَايَا كَثِيرًا مَا أَبِيتُ عَلَى قَوَاءِ
وَلِي مَجْدٌ وَتَارِيخٌ عَظِيمٌ وَلِي دِينٌ تَلأْلأَ بِالضِّيَاءِ
وَلِي أَرْضٌ مُطَهَّرةٌ تَلَظَّى جَحِيمًا لِلطُّغَاةِ الأَشْقِيَاءِ
فَكَمْ بَاغٍ أَغَارَ عَلَى حِمَاهَا فَنَالَ بِبَغْيِهِ سُوءَ الجَزَاءِ
وَفَرَّ يَئِنُّ مِنْ رُزْءٍ ثَقِيلٍ وَلَمْ يَصْبِرْ عَلَى مُرِّ اللِّقَاءِ
(4)
لَقَدْ قُلْتُمْ قَدِيمًا إِنَّ فِيهَا جَبَابِرَةً مِنَ العُرْبِ الظِّمَاءِ
إِلَى شُرْبِ الدِّمَاءِ مِنَ الغُزَاةِ وَسَحْقِ المُعْتَدِي فِي كِبْرِيَاءِ
سَلِ التَّارِيخَ يَا عِرْبِيدُ عَنَّا فَكَمْ خَضَعَتْ لَنَا شُهُبُ السَّمَاءِ
أَلَمْ تَسْمَعْ عَنِ الرُّهْبَانِ لَيْلاً أَلَمْ تَرْجِعْ بِعَقْلِكَ لِلوَرَاءِ
أَلَمْ تَرَ أَنَّنَا كُنَّا بُدُورًا يُبَدِّدُ نُورُنَا ظُلَمَ الفَضَاءِ
وَنَسْمُو بِالعُقُولِ إِلَى ذُرَاهَا لِتَخْرُجَ مِنْ دَيَاجِيرِ الغَبَاءِ
وَنَبْسُطُ فِي الدُّنَا سُلْطَانَ عِلْمٍ لِنَفْتَحَ لِلوَرَى بَابَ النَّجَاءِ
وَكُنَّا فِي المَعَامِعِ لاَ نُبَارَى نَسُوقُ عَدُوَّنَا سَوْقَ الحُدَاءِ
نُعِدُّ لَهُمْ عَتَادًا مَا اسْتَطَعْنَا وَنُبْلِي فِي الوَغَى خَيْرَ البَلاَءِ
سَلِ "اليَرْمُوكَ" أَوْ "حِطِّينَ" عَنَّا وَسَلْ "بَدْرًا" وَ"خَيْبَرَ" عَنْ مَضَائِي
فَكَمْ هَوَتِ العُرُوشُ أَمَامَ سَيْفِي فَمُلْكُ الفُرْسِ يُنْثَرُ كَالهَبَاءِ
وَأَرْضُ الرُّومِ تَرْكَعُ فِي صَغَارٍ لِتَنْجُوَ مِنْ دَمَارٍ أَوْ فَنَاءِ
نَشَرْتُ سَمَاحَةَ الإِسْلاَمِ حَتَّى جَبَالُ الصِّينِ أَصْغَتْ لِلنِّدَاءِ
وَغَرَّدَتِ البَسِيطَةُ وَهْيَ تَعْنُو بِتَوْحِيدٍ إِلَى رَبِّ العَطَاءِ
قُرُونًا قَدْ مَلأْنَا الأَرْضَ عِزًّا وَضَاقَ الشِّرْكُ مِنْ طُولِ الثَّوَاءِ
وَلَكِنَّا تَفَرَّقْنَا فَهُنَّا وَأَصْبَحْنَا طَحِينًا فِي الرَّحَاءِ
وَأَصْبَحْنَا العَبِيدَ لِكُلِّ بَاغٍ تُفَرِّقُ شَمْلَنَا أَيْدِي القِمَاءِ
يُذَبِّحُ غَاصِبٌ أَطْفَالَ شَعْبِي وَيَهْتِكُ فَاجِرٌ عِرْضَ النِّسَاءِ
يُكَرَّمُ كُلُّ مَنْ قَدْ سَبَّ دِينِي وَيُفْتَكُ كَلَّ حِينٍ بِالفِدَائِي
(5)
أَفِيقُوا أَيُّهَا العُرْبُ السُّكَارَى وَهُبُّوا مَزِّقُوا ثَوْبَ العَفَاءِ
إِلاَمَ تَنْحَنِي مِنَّا جِبَاهٌ لِجَوَّاظٍ تَطَاوَلَ بِالبَذَاءِ
تَعَالَوْا نَسْتَمِدَّ النُّورَ عَذْبًا مِنَ القُرْآنِ مِنْ وَحْيِ السَّمَاءِ
تَعَالَوْا نَنْزِعِ الأَحْقَادَ مِنَّا وَنَدْفِنْ كُلَّ أَسْبَابِ الجَفَاءِ
تَعَالَوْا نَتَّحِدْ فِي الخَيْرِ دَوْمًا وَنَجْعَلْ عَهْدَنَا عَهْدَ الوَفَاءِ
لِيُصْبَحَ عَيْشُنَا أُنْسًا وَطِيبًا وَنَحْيَا بِالمَحَبَّةِ وَالصَّفَاءِ
وَأَهْتِفَ مُنْشِدًا وَالكَوْنُ يُصْغِي أَنَا العَرَبِيُّ مَرْفُوعَ اللِّوَاءِ